0 أين حقوق الفقراء

الفقراء هم ملح الأرض ونور العالم وشعب الجنة المختار، زارعو الحنطة والرياحين، وناصرو الأنبياء والمصلحين، وصانعو البهجة البسيطة الرائقة التى تجعل الدنيا تمضى هينة لينة على قسوتها. ولذا أنا مع من يكون مع الفقراء، هذا مذهبى طيلة حياتى، أكره البطر، ولا أفهم أن يمضى أى مجتمع بسلام دون أن يوفر لكل الناس الغذاء والكساء والدواء والإيواء والتعليم والترفيه.فى غمرة الصراع الدائر حاليا على السلطة ينساهم كثيرون، ولا يلتفتون إليهم بل ويتناسون أنهم هم من دفعوا الثمن الأكبر فى ثورتنا. ومن يريد أن يفهم ما أقوله هنا فليراجع قوائم الشهداء والمصابين، وعندها سيجد أن أغلبهم جاءوا من الشوارع الخلفية. نعم أطلقت الطليعة المنتمية إلى الطبقة الوسطى الثورة، لكن إكمالها تم بسواعد هؤلاء، الذين جاءوا يبحثون عن العيش والعدالة والكرامة والشرف والحرية، وعز عليهم أن مصر العظيمة تتردى أحوالها، ويسبقها غيرها فى العالم العربى إلى التغيير.هؤلاء ليسوا من حزب «الكنبة» ربما لأنهم لا يملكون فراشا وثيرا يلقون عليه أجسادهم المكدودة، بل هم «الشغيلة» الذين يمشون فى مناكب الأرض ويأكلون من رزق الله. يدبون فى الشوارع الضيقة والحارات المتعرجة، عائدين من الورش والحقول وهوامش الأسواق والأرصفة والدكاكين والأكشاك والمطاعم والمقاهى. هؤلاء هم «مصر» التى لا يعرفون بلدا غيرها، ولن يتركوها أبدا، مهما جرى لها.. هؤلاء هم الذين حملوا بلدنا العظيم على أكتافهم سبعة آلاف سنة، جَنَّد القائد الفرعونى الجنوبى «أونى» من مزارعيهم مقاتلين لتحرير مصر من الساميين، وحين تخلى المماليك عن قنصوه الغورى أخذ من الزعر والحرافيش والجعيدية جنودا لملاقاة بنى عثمان، وبهم وسع محمد على إمبراطوريته الصغيرة. وهم الذين انتصروا فى حرب أكتوبر، وأعادوا لبلدنا الجريح شرفه وكبرياءه.
هؤلاء يتغافل عنهم كثير من المتنافسين فى الانتخابات الرئاسية، إلا قلة، ولا يتذكرهم إلا من يريد استغلال عوزهم وحرمانهم، فنسمع عمن يعرض على الفرد منهم مئات الجنيهات من أجل سرقة صوته، ومن يجمع منهم «بطاقات الرقم القومى» لقاء مبلغ زهيد ليتم استخدامها من آخرين فى التصويت لصالح مرشح معين، ويوجد من يسلط عليهم أبواق القنوات المشبوهة ليشوه أمامهم الثورة وبعض المرشحين للرئاسة ويجذبهم نحو خيار سقيم لئيم، ليجدوا على الكرسى الكبير من سيذبحهم، ويبيعهم بثمن بخس فى سوق النخاسة السياسية. فيا مرشحى الرئاسة، لا يمكن لمصر أن يستقر حالها وينصلح مسارها وترفع قامتها وهامتها بينما 40 فى المائة من سكانها يرقدون تحت خط الفقر، ولا يمكن لتجار الدين وأغَوات السياسة وببغاوات الثقافة أن يزعموا أن مصلحة مصر فى خاطرهم وهم يتجاهلون سكان الشوارع الخلفية.
  بقلم / د.عمار على حسن

مؤسس المدونة
ماهر سيف مدون مصرى,عضو بحركة كفاية, مهموم بالشأن العام وقضية العدالة والحرية عبر العالم

0 التعليقات:

إرسال تعليق

رجاء تجنب استعمال التعليقات خارج سياق النص